کد مطلب:355694 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:328

مجیء آیة التطهیر فی سیاق آیات نساء النبی غیر مخل ببلاغة القرآن
التاسع: ((إن الكلام البلیغ یدخله الاستطراد والاعتراض؛ وهو تخلل الجملة الأجنبیة بین الكلام المتناسق، كقوله تعالی فی حكایة خطاب العزیز لزوجته إذ یقول لها: (إِنَّهُ مِنْ كَیْدِكُنَّ إِنَّ كَیْدَكُنَّ عَظیمٌ - یوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذا واسْتَغْفِری لِذَنْبِكِ) [1] فقوله: (یوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذا) مستطرد بین خطابیه معها كما تری، ومثله قوله تعالی: (إِنَّ الْمُلوكَ إِذا دَخَلوا قَرْیَةً أَفْسَدوها وَجَعَلوا أَعِزَّةَ أَهْلِها أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ یَفْعَلونَ - وَإِنّی مُرْسِلَةٌ إِلَیْهِمْ بِهَدِیَّةٍ فَناظِرَةٌ بِمَ یَرْجِعُ الْمُرْسَلونَ) [2] فقوله: (وَكَذَلِكَ یَفْعَلونَ) مستطرد من جهة الله تعالی بین كلام بلقیس، ونحوه قوله - عز من قائل -: (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجومِ - وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمونَ عَظیمٌ - إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَریمٌ) [3] تقدیره فلا أقسم بمواقع النجوم، إنه لقرآن كریم، وما بینهما استطراد علی استطراد وهذا كثیر فی الكتاب والسنة وكلام العرب



[ صفحه 40]



العاربة وغیرهم من البلغاء.

وآیة التطهیر من هذا القبیل جاءت مستطردة بین آیات النساء فتبین بسبب استطرادها أن خطاب الله لهن بتلك الأوامر والنواهی والنصائح والآداب لم یكن إلا لعنایة الله تعالی بأهل البیت (أعنی الخمسة) لئلا ینالهم - ولو من جهتهن - لوم، أو ینسب إلیهم - ولو بواسطتهن - هناة، أو یكون علیهم للمنافقین - ولو بسبههن - سبیل ولولا هذا الاستطراد ما حصلت هذه النكتة الشریفة التی عظمت بها بلاغة الذكر الحكیم، وكمل إعجازه الباهر كما لا یخفی)) [4] .

قال عثمان الخمیس:

((ثانیا: ذكر میم الجمع بدل نون النسوة، لأن النساء دخل معهن النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) وهو رأس أهل بیته (صلی الله علیه وآله وسلم)، كما قال الله تبارك وتعالی عن زوجة إبراهیم: (قالوا أَتَعْجَبینَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَیْكُمْ أَهْلَ الْبَیْتِ إِنَّهُ حَمیدٌ مَجیدٌ) [5] وكانت معه زوجته، وقال تعالی عن موسی: (فَلَمّا قَضی موسی الأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ) [6] وكانت معه زوجته، فالرجل من أهل البیت فقول الله: (إِنَّما یُریدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ) قال عنكم لدخول النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) مع نسائه فی هذه الآیة لا أن علیا وفاطمة والحسن والحسین دخلوا ضمن هذه الآیة، وإنما كان علی والحسن والحسین وفاطمة (رضی الله عنهم) من أهل بیت النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) بدلیل حدیث الكساء لا بدلیل الآیة، فحدیث الكساء هو الذی یدل علی أن علیا وفاطمة والحسن



[ صفحه 41]



والحسین من آل بیت النبی (صلی الله علیه وآله وسلم)، وذلك لما غطاهم (صلی الله علیه وآله وسلم) بالكساء قرأ: (إِنَّما یُریدُ اللَّهُ لِیُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَیْتِ) فأدخلهم فی أهل بیته)) (حقبة من التاریخ 188 - 189).

أقول: وفی هذا الوجه أیضا لم یأت بدلیل أو رد ینقض فیه قول الشیعة بأن الإرادة فی آیة التطهیر إرادة تكوینیة، وأنها إخبار عن عصمة المخاطبین بها، وإنما أتی فیه بمحاولة أخری من محاولاته الیائسة لإثبات اختصاص الآیة الكریمة بنساء النبی (صلی الله علیه وآله وسلم)، وفیه یدّعی دعوی باطلة وهی أن آیة التطهیر لا علاقة لها لا من قریب ولا من بعید بأصحاب الكساء وأنهم إنما دخلوا فی مفهوم أهل البیت من حلال حدیث الكساء!!! وما عشت أراد الدهر عجبا، وردّنا علیه هو:

أولا: إن زعمه بأن آیة التطهیر خاصة بزوجات النبی (صلی الله علیه وآله وسلم) وأنها نزلت فیهن قد أثبتنا بطلانه فیما مضی من خلال الروایات التی هی صریحة فی تخصیص الآیة الكریمة بأصحاب الكساء (علیهم السلام)، وذكرنا تأییدا وتأكیدا لذلك أقوالا لبعض علماء أهل السنة ممن فهم من تلك الروایات اختصاها بهم (علیهم السلام)، كما وأبطلت عمدة ما استدل به هو السیاق.


[1] يوسف 28 - 29.

[2] النمل 34 - 35.

[3] الواقعة 75- 77.

[4] الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء 25 - 26.

[5] هود: 73.

[6] القصص: 29.